قصص نجاح

هجمــة مرتدة

 هجمــة مرتدة: قصة شركة تعثرت ثم عادت الى القمة سريعاً..
الأكثر إفادة من قصص نجاح الشركات، هو التعرض إلى قصص نجاح شركات بعد الفشل ، باعتبار أن الصعود من القاع إلى القمة أصعب بكثير من بدء رحلة نجاح عادية.كأي شيء آخر في الحياة عالم ريادة الأعمال مليء بالصعود والهبوط؛ ففي وقت من الأوقات تبدو شركة ما ملء السمع والأبصار ثم تدخل في مرحلة انحطاط كبير قد يستمر سنيناً أو حتى عدة عقود. وشركة أخرى ترزح في القاع سنيناً طويلة ثم تعود الى القمة سريعاً لتقود الاسواق العالمية في مجالها حتى يأتي وقت هبوطها مجدداً.  
ومع ذلك، العديد من الشركات حول العالم لها تجربة فريدة في مواجهة التعثّر ، ليس فقط بالتغلب عليه والعودة الى مكانتها الطبيعية في الأسواق، وإنما بالاستفادة من هذا التعثّر بوضع استراتيجية جديدة اكثر استمرارية وبقاءً من استراتيجيتها السابقة. بمعنى آخر، الجواد لم يتجاوز فقط الكبــوة، وإنما استطاع أن يتعلم منها للقفــز فوق الحواجز.
نستعرض هنا قصص نجاح شركات بعد الفشل ، في الواقع كان الفشل هو محطتها للعودة افضل مما كانت!


نايكي .. جوردان يوقف التعثر ويبني الإمبراطورية
في منتصف الثمانينيات، وبالتحديد في العام 1984 كانت شركة ” نايكي Nike ” للأحذية والملابس الرياضية تمر بأزمة عاصفة. في هذا الوقت، كان قد مرّ على تأسيس الشركة 20 عاماً بالضبط، كانت العشرة اعوام الاخيـرة منها قد حققت نمواً سريعاً إنتهى بها بالسقوط في تعثّر سريع في تلك الفتـرة حيث حققت أول خسائر ربع سنوية بعد سلسلة لا تتوقف من الأرباح، مع الانخفاض الحاد على الإقبال لشراء منتجـاتها.

كان هذا الإنهيار في المبيعات مُدهشاً، فعلى الرغم ان في صيف هذا العام تحديداً استطاع لاعب القوى كارل لويس أن يحقق أربعة ميداليات ذهبيـة في مسابقة أولمبيـاد لوس أنجلوس في العام 1984 وهو يرتدي أحذية ” نايكي ” لتسويقها، إلا أن هذا الانجاز لم ينعكس في تحقيق مبيعات جيدة للشركة على الرغم من انها كانت تعوّل بشدة على هذا الإنجاز الرياضي لإعادة الانتعاش لمبيعاتها. من جهـة أخرى ، كانت شركة ” ريبوك Reebok ” تتمدد في الأسواق الأميـركية بشكل كبيـر بعد ان قامت بتدشين حملة تسويقيـة ممتازة لأحذية رياضيـة جديدة موجهة للنساء مخصصة لرياضة الركض.
كان تفوّق ريبوك على نايكي في تلك الفتـرة يمثل خطورة حقيقية على الشركة الأميـركية الرياضية الأكبر، لذلك بدأت الشركة في محاولة البحث عن بدائل أخرى سريعة تنقذها من هذه العثرة وتعيدها الى السباق في عالم الرياضة الذي لا يرحم. وكان الحـل الابرز هو إستهداف رمز تسويقي أميـركي مؤثر لا يمكن مقـاومته للإعلان عن حذاء رياضي جديد على وشك ان تقوم الشركة بطرحه في الأسواق ، كان هذا الرمز هو ” مايكل جوردان ” لاعب كرة السلة الأميـركي الأسمر العمـلاق.

في تلك الفترة، كان مايكل جوردان قد حظى ببعض الشهرة الكافية تجعله لاعباً معروفاً في دوري السلة الاميـركي ، ولكنه لم يكن ذلك اللاعب الاسطوري الفذ الذي خلّده التاريخ كواحد من اعظم لاعبي كرة السلة على مرّ التاريخ. كان في بدايات نشاطه ، وإن ظهـر عليه آداءً مبهـراً أدى الى لفت انظار الكثيرين له ، بما فيهم شركات الاحذية الرياضية مثل نايكي التي تنبأت بمستقبل باهر لهذا اللاعب تحديداً ، وقامرت لإقنـاعه بتوقيع عقد تسويقي معها لتسويق حذاءها الجديد الذي أسمته بإسمه ” جوردان إير Jordan Air ” ، على الرغم ان جوردان نفسه قد اعترف انه يميل أكثر الى استخدام أحذية الشركة الرياضية الالمـانية المنافسة ” أديداس “، إلا ان العرض السخي من نايكي لم يكن بإمكـانه مقاومته  
في نهاية العام 1984 الكارثي على نايكي ، وبدء العام التالي بعرض أحذية ” جوردان إير ” بسعر يبدأ بـ 65 دولار ، استطاعت الشركة المتعثـرة أن تحقق مبيعات قدرها 70 مليون دولار خلال شهرين اثنين فقط تنامت بعدها المبيعات مع تنامي شهرة جوردان في الاوساط الرياضيـة بشكل هائل خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات، مما شكّــل نهر من المبيعات الهائلة لنايكي قدرت بحوالي مليـاري دولار سنوياً من وراء دعاية جوردان لأحذيتها الرياضية.
على الجانب الآخر، ومع النجاح الهائل الذي حققته نايكي في الاسواق الرياضية، بدأت ريبــوك في التراجع بعد ان كانت تمثل منافس مُرعب لنايكي في تلك الفتــرة ، واستمرت في المزيد من التراجع عندما أطلقت نايكي حملة تسويقية أكبر لاحقاً باستقطاب المزيد من نجوم كرة السلة الاميـركية لتسويق منتجاتها ، مما أدى الى عزوف المستهلكين عن شراء أحذية ريبــوك عالية الجودة.  
في النهاية، وبقدوم العام 2005 قامت شركة أديداس الالمـانية بالاستحواذ على شركة ريبـوك بمبلغ 3.8 مليار دولار لدعم قوتها في السوق الاميـركي أمام ” نايكي ” التي ماتزال محلّقة بسياستها الاستقطابية لأشهـر أبطال الرياضات العالمية في أميـركا لتسويق منتجـاتها ، بما في ذلك النسخ المطوّرة من حذاء اير جوردان الذي مازال يصدر حتى الآن، لتصبح واحدة من اشهر قصص نجاح الشركات بعد الفشل.