كيف يكون الابتكار الدائم هو السر وراء الأعمال الناجحة
للكاتب: إيريك ريس
هل فكرت يوما بإنشاء شركتك الناشئة؟ هل لديك فكرة ابتكارية لمنتج أو خدمة معينة وترغب بتنفيذها بنجاح في عملك الحالي؟ هل خرجت فعلاً من منطقة الراحة وأطلقت مشروعك ولكنه… فشل !! هل قمت في السابق بإدارة فريق كبير وأطلقتم منتجاً لم يرغب أحد باستخدامه؟ إذا كنت أحد أولئك الذين أبحروا في عالم ريادة الأعمال وأضعت طريقك في مرحلةٍ ما، فهذه المقالة هي بوصلتك للعودة للطريق الصحيح لإنشاء الأعمال الناجحة المستقرة. تتبع المقالة منهج علمي لإطلاق وإدارة الأعمال والشركات الناشئة بتطبيق منهجية "لين" المستمدة من المبادئ الناجحة المتبعة في التصنيع على أي نوع من أنواع الأعمال.
معظم الشركات الناشئة تفشل. لا يكفي أن تكون فكرة المنتج مميزة لتنجح الشركة. وليس العمل الدؤوب على مدار الأسبوع أيضاً سبباً في النجاح. باختصار، السر هو في إنشاء منتج يحتاجه العميل أو الزبون، ليس أنت! النجاح يكمن في حل مشكلة يعاني منها الزبون حقاً، لا ما تفترضه أنت. ليست العبرة باستخدام التكنولوجيا الحديثة لإنشاء منتجات خارقة تقنياً لكنها في حقيقة الأمر لا تضيف أي فائدة للمستخدم النهائي. توظيف التكنولوجيا هو وسيلة لتوفير قيمة مضافة للعميل، لكنه ليس هو الغاية. باختصار، النجاح هو بإعادة التفكير بالمنهجيات والأساليب المتبعة لتقليل الهدر ما أمكن وتعزيز القيم المضافة. والأهم من كل ذلك هو عملية التعلم المؤكَّد المثبت المستمرة.
إن نجاح الشركات الناشئة يمكن هندسته باتباع منهجيات صحيحة، وهي إجرائيات يمكن تعلمها، وإن كان بالإمكان تعلمها فهذا يعني بالضرورة أنه يمكن تدريسها، وهذا ما يحمله كتاب استراتيجية لين لتأسيس المشروعات في طياته.
ما هي الشركة الناشئة Startup؟
الشركة الناشئة هي مؤسسة إنسانية تسعى لتقديم منتج جديد أو خدمة جديدة في ظروف معقدة تتسم بعدم الاستقرار والتخبط والضياع. وهذا التعريف يشمل شريكين يعملان معاً علـى مشروعهما لتغيير العالم في أحد كراجات السيارات، كما يشمل أيضاً فريقاً مؤلفاً من موظفين مخضرمين في شركة كبيرة بحجم جنرال إلكتريك GE. وهدف الشركة الناشئة هو اكتشاف وصفة المشروع الصحيح الذي يمكن إنشاؤه - المشروع الذي يرغب به الزبون، ويلبي احتياجاته، ومستعد لأن يدفع مقابل الاستفادة منه - في أسرع وقت ممكن.
عملياً، لا يمكن التنبؤ من اليوم الأول عن كامل الميزات التي يجب أن تكون في المنتج أو الخدمة المقترحة، وذلك لأن احتياجات المستخدم ليست واضحة أيضاً. لكن من هو المستخدم أصلاً، لمن نقوم ببناء هذا المنتج؟ وما هي الفئة العمرية أو الديموغرافية المستهدفة؟ هل يجب أن يكون تركيزنا على السوق المحلي أم على السوق المجاور؟ هل سنتّبع استراتيجية البدء محلياً، والتوسع عالمياً؟ كل هذه الأسئلة توضح حالة التخبط والضياع التي يعاني منها رواد الأعمال في الشركات الناشئة، والحل الوحيد للإجابة على كل هذه الأسئلة هو بعمل اختبار سريع لجدوى المنتج الذي نعمل عليه باستخدام MVP أي بعمل نموذج مصغر عن المنتج النهائي وإطلاقه للمستخدم النهائي لتجربته والحصول على رأيه في المنتج بأسرع وقت ممكن. لكن هذا أمر أشبه بالمستحيل في التفكير التقليدي للمؤسسات والشركات بصورة عامة، لكنه سر النجاح في استراتيجية "لين" لإطلاق الأعمال.
استراتيجية "لين" لإطلاق الأعمال
تستمد "لين" لإطلاق الأعمال تسميتها من "لين" المستخدمة في الثورة الصناعية التي طورتها شركة "تويوتا" لتغيير إجرائيات سلاسل التوريد وخطوط الإنتاج بشكل جذري، وذلك بإبراز أهمية الإبداع الإنساني، والتركيز ببساطة على التفريق ما بين المهمات والعمليات والإجرائيات المفيدة وما بين التي تسبب الهدر، بغرض الحصول على أعلى جودة، وأقصى سرعة في عمليات الإنتاج.
تبنت "لين" لإطلاق الأعمال هذه الأفكار في سياق ريادة الأعمال، فعملت بذلك على تغيير النمط التقليدي للشركات في إنشاء وإطلاق المنتجات، واقترحت أن يحكم رواد الأعمال على تقدمهم بشكل مختلف عن الطريقة التي تعمل بها الأنواع الأخرى من المشاريع. وفيما يلي خمسة مبادئ لمنهجية "لين":
١. ريادة الأعمال في كل مكان :
يمكن تطبيق منهجية "لين" لإطلاق الأعمال على أي مؤسسة أو شركة بصرف النظر عن حجمها أو مجال عملها.
٢. ريادة الأعمال هي عملية إدارية
: لأن الشركة الناشئة هي مؤسسة وليست هي فقط المنتج. ولذلك فهي تحتاج لنوع خاص من الإدارة لخصوصية حالة التخبط في بنية الشركات الناشئة. يعتقد "إيريك" أن منصب "رائد أعمال" يجب أن يُعتمَد كمسمّى وظيفي في كل الشركات التي تتخذ الابتكار سبيلاً النهوض.
٣. التعلم المُثبَت المجرب
: الشركات الناشئة لم تؤسس فقط لخلق قيمة مضافة أو لجلب المال أو لخدمة العملاء. الشركات الناشئة يجب أن تتعلم كيفية الحفاظ على استدامة واستقرار الأعمال. وهذا التعلم هو شيء يمكن صقله علمياً بإجراء اختبارات دورية على كل عناصره. فعلى سبيل المثال، التقدم هو شيء يمكن قياسه في منهجية "لين" باستخدام التعلم المثبت، وبإجراء اختبارات عملية سريعة، وبتجارب أخرى من شأنها تسريع دورة تطوير المنتج، وقياس التقدم الفعلي والتعلم من تلك التجارب ما يحتاجه العميل بالضبط. باعتماد التعلم العلمي كمعيار لدينا، يمكننا اكتشاف وإزالة مصادر الهدر التي تعاني منها ريادة الأعمال، وتعزيز الرشاقة المؤسسية.
٤. البناء-القياس-التعلم:
المهمة الأساس للشركات الناشئة هي تحويل الأفكار إلى منتجات، ثم قياس تفاعل المستخدم مع المنتج، ثم التعلم من ذلك فيما إذا كان يجب علينا الاستمرار أو تغيير المسار. وهذا يفرض على كل الشركات الناشئة الناجحة مهمة تسريع حلقة التغذية الراجعة تلك. ونعني بالتسريع أن يتم بناء منتج MVP بأقصى سرعة ممكنة، ثم طرحه للعميل لقياس مدى قبوله للمنتج، ليتم بعدها إعادة بناء المنتج بالميزات التي يرغب بها العميل، وهكذا دواليك، وبتواتر سريع، كإصدار جديد كل أسبوعين مثلاً، حتى نصل للمنتج الخالي من الميزات الغير مرغوب بها، وفيه فقط الميزات التي يحتاجها العميل.
٥. محاسبة الابتكار:
لتطوير مخرجات ريادة الأعمال ومساءلة المبتكرين، نحتاج للتركيز على المهمات المملة: مثلاً كيفية قياس التقدم، وكيفية إعداد الأهداف المرحلية، وكيفية تحديد أولويات العمل. يتطلب هذا نوعاً جديداً من المحاسبة المصممة للشركات الناشئة - وللأشخاص الذين يحاسبونهم.